وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فريد هلال ,,
قد نظنُّ أنَّ
الكلماتِ التي نسطرها على الورقِ قد تكونُ قابلةً للمحوِ، لكن ليس كلُّ ما يُكتبُ
يمكنُ أن يُزالَ. هناكَ كلماتٌ تكتبها الروحُ، وتحملُ معها نبضاتِ القلبِ وأسرارَ
الوجدانِ. قد تكونُ غامضةً لدرجةِ أنَّك تحتارُ فيما تريدُ محوه، ولكنَّ المِمحاةَ
مهما بلغتْ قوتُها، لن تصلَ إلى أعماقِ ما خُزن في القلبِ. فالمشاعرُ لا تُمحى
كالكلماتِ، بل تبقى حاضرةً في أذهانِنا، راسخةً لا تزول.
فلنجمعْ كلَّ
ما تسئُ إليهِ المِمحاةُ، لأنَّ ما كُتبَ بروحِ الإنسانِ لا يمكنُ أن يُنسى
بسهولةٍ. ربما تُرمى الكلماتُ بعدما كتبتها الروحُ، لكنها تعودُ أقوى، تظلُّ تعيشُ
في الذاكرةِ، تذكيرًا بأنَّ ما يُمحى على الورقِ يظلُّ محفورًا في الأعماقِ.
في الصراعِ
بين القلمِ والمِمحاةِ، هناكَ ألمٌ، لكنَّ القلمَ لم يتوقفْ يومًا عن مغازلتِها،
وكأنَّه يهمسُ لها: "يا مِمحاةُ، لا تظني أنني أكتبُ لأسطِّرَ أخطاءً
تحتاجينَ لإزالتها، بل أكتبُ بحسنِ نيةٍ، كي يظلَّ لنا ما نحيا بهِ، رغمَ المحوِ.
فما تزيلينه قد يكونُ مجردَ سطرٍ، لكنه ليسَ الروحَ التي تحملُ الأملَ."
القلمُ يغازلُ
المِمحاةَ رغمَ كلِّ ما بينهما من صراعٍ، في محاولةٍ لإقناعِها بأنَّ ليسَ كلُّ ما
يُكتبُ خطأً، وأنَّ ما يُمحى لا يُقصدُ بهِ أن يُنسى. هو يدركُ حاجتَها إلى
المحوِ، لكنه يظلُّ يؤمنُ بأنَّ ما يكتبُهُ يحملُ جمالًا لا تحتاجُ إليهِ أيُّ
مِمحاةٍ، ليبقى الصراعُ بينهما صراعًا من أجلِ الكمالِ، لا الهدمِ.
إنهُ صراعٌ
أزليٌّ بين الكتابةِ والمحوِ، بين ما نحاولُ أن ندفنَهُ وما يصرُّ على أن يظلَّ
حيًّا، صامدًا رغمَ كلِّ محاولاتِ المحوِ. في هذا الصراعِ، القلمُ لا يسعى
للهروبِ، بل يغزلُ من الكلماتِ جسرًا من حسنِ النيةِ، ليثبتَ للمِمحاةِ أنَّه حتى
في محاولاتِ المحوِ، يبقى للروحِ ما لا يُمسُّ.
ويا مِمحاةُ،
غُضِّي الطرفَ عن خطأي
فالروحُ تكتبُ
ما لا يُمحى بالألَمِ |