وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,, بقلم: فريد هلال ,,
الحُبُّ ليسَ مُجَرَّدَ شُعورٍ عابِرٍ، بل هو نَبْضٌ يَنبَعِثُ من أَعماقِ القَلْبِ ليُجَسِّدَ أَسْمَى مَعاني الإنسانيَّةِ. مُنذُ الأَزَلِ، ارْتَبَطَ القَلْبُ بالعِشْقِ في كُلِّ الثَّقافاتِ والأَديانِ، فأصْبَحَ رَمْزًا للحَياةِ والمَشاعِرِ. وكيفَ لا؟ وهوَ الذي تَحَدَّثَتْ عنهُ النُّصوصُ السَّماوِيَّةُ بوَصْفِهِ مَصْدَرًا للإيمانِ والنِّيَّةِ الصَّافِيَةِ. يقولُ اللهُ تعالى: "فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"، لِيُؤَكِّدَ أَنَّ القَلْبَ مَوْطِنُ البَصِيرَةِ الرُّوحِيَّةِ. وفي المَسِيحِيَّةِ، يَتَحَدَّثُ المَسِيحُ عنِ القَلْبِ النَّقِيِّ قَائِلاً: "طُوبَى لِأَنْقِيَاءِ القَلْبِ لِأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ".
هَذَا التَّقْدِيسُ لِمَكَانَةِ القَلْبِ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الأَدْيَانِ فَقَطْ، بَلْ امْتَدَّ إِلَى الحَضَارَاتِ القَدِيمَةِ مِثْلَ المِصْرِيَّةِ وَاليُونَانِيَّةِ، حَيْثُ اعْتُبِرَ القَلْبُ مَوْطِنَ العَوَاطِفِ وَمَرْكَزَ الرُّوحِ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ العِلْمَ يُثْبِتُ أَنَّ المَشَاعِرَ تَنْشَأُ فِي الدِّمَاغِ، إِلَّا أَنَّ نَبْضَ القَلْبِ المُتَسَارِعَ عِنْدَ الحُبِّ جَعَلَ البَشَرَ يَشْعُرُونَ أَنَّهُ مَقَرُّ العِشْقِ الحَقِيقِيِّ، لا مُجَرَّدَ عُضْوٍ فِي الجَسَدِ.
العِشْقُ، إِذًا، هُوَ ذَلِكَ الشُّعُورُ الَّذِي يَجْعَلُ القُلُوبَ تَخْفِقُ بِقُوَّةٍ، يُعَبِّرُ عَنْ شَوْقٍ لا حُدُودَ لَهُ، وَيُمَثِّلُ رَابِطًا أَبَدِيًّا يُوَحِّدُ البَشَرَ رَغْمَ اخْتِلَافِ الثَّقَافَاتِ وَاللُّغَاتِ. إِنَّهُ نَبْضٌ يَتَجَاوَزُ الكَلِمَاتِ، لُغَةٌ تَفْهَمُهَا الأَرْوَاحُ، وَتَجْعَلُ مِنَ القَلْبِ رَمْزًا خَالِدًا لِلْحُبِّ وَلِلْحَيَاةِ. |