وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
بقلم فريد هلال ,,
حفَرتِ اسْمَ العراقِ واسْمَها في الصَّخْرِ
زُهى حديد، المعمارية العراقية التي حفَرتِ اسْمَ العراقِ واسْمَها في الصَّخْرِ، أَظْهَرَتْ للعالمِ أنَّ الإبداعَ لا يَعْرِفُ الحُدودَ ولا الزمانَ. وُلِدَتْ في بلادِ الأرقامِ، في العراقِ، حيث انطلقتْ أولى الحضاراتِ وأَضاءَتْ سُطورَ التاريخِ بالعلمِ والمعرفةِ. حملتْ معها عبقَ الماضي العريقِ، لتُجَسِّدَ هذا الإرثَ في تصميماتِها الهندسيةِ الحديثةِ التي تحدَّتْ القواعدَ التقليديةَ وكسَرَتْ كُلَّ المألوفِ.
إنَّ تصاميمَها لم تَكُنْ مُجَرَّدَ مبانٍ، بل كانت تجسيدًا للحريةِ والإبداعِ والابتكارِ. من مركزِ حيدرِ علييفِ في أذربيجانِ إلى دارِ الأوبرا في غوانزو، ومن استادِ الوكرةِ في قطرٍ إلى جسرِ الشيخِ زايدٍ في أبوظبي، كانت زُهى تَكْتُبُ تاريخًا جديدًا للهندسةِ المعماريةِ، وأصبَحَتْ أعمالُها علامةً فارِقةً في عالمِ البناءِ.
من بين أبرزِ معالمِها المعماريةِ، تبرزُ بنايةُ البنكِ المركزيِّ العراقيِّ على ضفافِ نهرِ دجلة، التي تَعُدُّ من أروعِ مشاريعِها التي جَمَعَتْ بين الأصالةِ والحداثةِ. إذ تتناغمُ مع محيطِها النهرِيِّ الفريدِ، كما تعكسُ روعةَ تصميماتِها الهندسيةِ التي تَمزُجُ بين عبقِ التراثِ وروعةِ المستقبلِ.
بفضلِ أعمالِها المتميزةِ، أَصبَحَتْ أولَ امرأةٍ تَحْصُلُ على جائزةِ "بريتزكر" للهندسةِ المعماريةِ، لتُصْبِحَ رمزًا للقدرةِ على تحقيقِ المستحيلِ. كانت رسالتُها للعالمِ واضحةً: أنَّ العراقَ، بلدُ الأرقامِ والكتابةِ والقلمِ، هو منبعُ العبقريةِ، وأنَّ التفردَ والابتكارَ لا يعترفانِ بالحُدودِ.
لقد حفَرتْ زُهى حديدٍ اسْمَها واسمَ العراقِ في تاريخِ الهندسةِ المعماريةِ، ليظلَّ إرثُها خالدًا في كلِّ زاويةٍ ومعلمٍ عمرانيٍّ، شاهِدَةً على أنَّ الحضارةَ لا تموتُ بل تُجَدِّدُ نفسَها بأيدٍ تحملُ أفكارًا مبتكرةً، مستلهمةً من الأرضِ التي نشأتْ فيها أرضُ العراقِ.
بالنهايةِ، كلُّ العراقيينَ نحن منكِ زُهى حديد، أنتِ رمزٌ للإبداعِ والفخرِ الذي لا ينتهي، وجسرٌ بين الماضي والحاضرِ والمستقبلِ. لقد حملتِ إرثَ العراقِ ورفَعتِ اسمه عاليًا في سماءِ الإبداعِ العالميِّ، فأنتِ تمثليننا جميعًا، وكلُّ خطوةٍ تخطينها هي بمثابةِ خطوةٍ لنا نحوَ الأفقِ الواسعِ. نحن منكِ، وأنتِ منا، والإبداعُ الذي أهدَتِنا إياهُ سيظلُّ شامخًا كما الشموخِ الذي يعكسُه تاريخُنا العريقِ . |