وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فيصل سليم ,,
عندما كنا طلبة جامعة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي كانت تجوب
بغداد حينها طولا وعرضا عجلات فاخرة حمراء اللون بطابق واحد او بطابقين وقسم اخر
كان ابيض اللون بطابق واحد يسمى الباص الهنكاري وهذه العجلات كانت تقوم بنقل
الركاب في عموم العاصمة بطريقة سهلة ورخيصة وجل ركابها اثناء الدوام الرسمي هم من
طلبة الجامعات.
كيف بدا النقل بهذه الطريقة وما الامتداد التاريخي لمصلحة نقل الركاب التي
كانت تديرها امانة العاصمة قبل ان تتحول الى ملاك وزارة النقل؟
تقول مصادر التاريخ الحديث والمعاصر للعراق بان مصلحة نقل الركاب اصلها كان
شركة مساهمة تحت اسم تراموي بغداد/ الكاظمية ارتبط اسمها باسم الوالي مدحت باشا اذ
كانت الحيوانات هي وسيلة السفر البرية السائدة في العراق طيلة العهد العثماني فأدخلت
العربة اليه كوسيلة متطورة من وسائل السفر وكانت أولى العربات في العراق هي عربات (الترامواي) وكان
ذلك ثاني حدث مهم بعد الباخرة في تاريخ النقل في بغداد. وعربة الترامواي (الكاري)
ذات طابقين تجرها الخيول على سكة من حديد وكانت شائعة الاستعمال في إسطنبول وبعض المدن
الاوربية آنذاك قبل ان يلاحظ مدحت باشا أهمية مدينة بغداد وما يعانيه أهلها من
مشقة التنقل مع امتعتهم بواسطة الدواب... ففيها من الصعوبة والاضرار الكثيرة
ومعاناة اخطار البرد والحر الشديدين والمطر وقد تعرض الكثير للسلب والنهب اذا امتد
الوقت الى المسار فقرر هذا الوالي تأسيس شركة مساهمة تقوم بأنشاء سكة ترامواي بين
بغداد والكاظمية.
تأسست الشركة في أيار من العالم 1870 كشركة مساهمة اشتركت فيها جماعة من
اثرياء وتجار بغداد والكاظمية بتشجيع من مدحت باشا الذي كان شديد الرغبة في إنجاح
المشروع وطرحت أسهم الشركة في الأسواق بقيمة ليرتين ونصف الليرة للسهم الواحد وهو
ما يساوي (250) قرشا وحدد عدد الأسهم بستة الاف سهم ليكون مجموع رأس مال الشركة
مليون وخمسمائة الف قرش وقد عقدت الامال لإنجاح المشروع.
وكانت الزوراء الجريدة الرسمية تعلن بين فترة وأخرى عن شدة اقبال الناس على
شراء الأسهم فصارت الأسهم تباع بكثرة حتى احصى ما بيع في العشرة أيام الاولى فبلغ
(784) سهما واستمر بيع الأسهم حتى بلغ (5000) سهم وظلت تدار من قبل الحكومة حتى
الغيت نهائيا بتاريخ 15 كانون الأول/ 1946 واستعيض عنها بالباصات التي كانت تديرها
امانة العاصمة لتسهيل نقل الركاب في شوارع العاصمة وضواحيها ومن ثم استحداث مصلحة
نقل الركاب في العاصمة لتديرها اضخم جهاز نقل للركاب في العالم بأحدث الباصات
والتي تحولت أخيرا الى المنشأة العامة لنقل الركاب هذه هي البدايات الجميلة لذلك
الاسطول الرائع الذي حيينها يجوب بغداد وكانت عجلاته ملتزمة بالوقت ولها توقيتات
من غير الممكن تجاوزها نظرا لأهمية الوقت لدى الناس حينذاك |