وكالة الأنباء العراقية المستقلة متابعة ,, كشف باحثون، أن الآثار الضارة لفيروس كورونا قد تمتد عبر الأجيال، حيث أن الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم للعدوى أثناء الحمل يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب طيف التوحد مقارنة بأقرانهم. وقام فريق بحثي من مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن بتحليل بيانات آلاف الولادات التي تمت خلال ذروة الجائحة، ليكتشفوا أن "النساء اللائي تعرضن للعدوى أثناء فترة الحمل كن أكثر عرضة بشكل ملحوظ، وإن كان بمعدل متواضع، لإنجاب أطفال تم تشخيص إصابتهم لاحقا باضطراب طيف التوحد ومشاكل نمو أخرى". وبالرغم من أن هذه النتائج لا تعتبر قاطعة، إلا أنها تثير تساؤلات مهمة حول التأثير طويل المدى لإصابات الأمهات خلال الحمل، كما أكد الباحثون في ورقتهم المنشورة بمجلة Obstetrics & Gynecology، على "أهمية المراقبة العصبية والنمائية طويلة الأمد للأطفال الذين تعرضوا لفيروس SARS-CoV-2 أثناء وجودهم في الرحم". ومن المعروف علميا أن "فيروس كورونا يشكل خطرا أكبر على الحوامل، حيث أظهرت دراسات سابقة أن النساء الحوامل أكثر عرضة للإصابة بحالات عدوى شديدة، بينما قد يواجه أطفالهن خطرا متزايدا للولادة المبكرة ومضاعفات أخرى، لكن هذه الدراسة تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث ركزت على بحث احتمال تسبب عدوى كورونا أثناء الحمل في زيادة خطر إصابة الطفل بالتوحد. ويعد التوحد حالة معقدة تنشأ عادة من مزيج من العوامل المختلفة، بما فيها الجينات الوراثية، إلا أن الأبحاث السابقة أشارت أيضا إلى وجود صلة بين بعض أنواع العدوى التي تصيب الأمهات - بما فيها الحمى - وزيادة خطر إصابة الطفل بالتوحد. وشملت الدراسة تحليل بيانات أكثر من 18 ألف امرأة أنجبن أطفالا ضمن نظام الرعاية الصحية لمستشفى ماساتشوستس بين آذار/مارس 2020 وآيار/مايو 2021، ومن بين هؤلاء، ولد نحو 860 طفلا لأمهات ثبتت إصابتهن بكورونا أثناء الحمل. وبالمقارنة مع أطفال الأمهات اللواتي لم يصبن بالعدوى، أظهر هؤلاء الأطفال معدلات أعلى بشكل ملحوظ في تشخيص إصابتهم بالتوحد أو مشاكل نمو عصبي أخرى، مثل تأخر الكلام، بحلول سن الثالثة. وبعد احتساب جميع العوامل المؤثرة الأخرى، وجد الباحثون أن "التعرض لكورونا أثناء الحمل ارتبط بزيادة خطر إصابة الأطفال بحالات نمو عصبي بنسبة 29%، وكان هذا الخطر أكثر وضوحا في حالتين: عندما تصاب الأمهات بالعدوى خلال الثلث الثالث من الحمل، وعندما يكون الأطفال ذكورا. ومن المهم الإشارة إلى أن "هذه الدراسة قائمة على الملاحظة، ما يعني أنها لا تستطيع إثبات علاقة سببية مباشرة بين إصابة الأم بكورونا وإصابة الطفل بالتوحد"، كما يؤكد الباحثون أن "الخطر الإضافي المرتبط بكورونا يبقى صغيرا نسبيا، لكنهم مع ذلك ينصحون النساء الحوامل بضرورة تقليل خطر التعرض للعدوى، خاصة في ضوء الأدلة المتزايدة على كيفية تأثير الإصابات الفيروسية على الحمل والأطفال". وتعلق الدكتورة أندريا إيدلو، الأستاذة المتخصصة في طب الأم والجنين: "تسلط هذه النتائج الضوء على أن كورونا، مثل العديد من أنواع العدوى الأخرى أثناء الحمل، قد يشكل مخاطر ليس فقط على الأم، ولكن على تطور دماغ الجنين". كما تدعم أهمية محاولة منع عدوى كورونا أثناء الحمل، وهي ذات صلة خاصة في ظل تراجع الثقة العامة في اللقاحات - بما في ذلك لقاح كورونا". ورغم أن كورونا لم يعد يشكل التهديد الذي كان عليه سابقا، إلا أن الفيروس ما يزال موجودا، وتؤكد هذه الدراسة على الحاجة إلى "مزيد من البحث لفهم العلاقة المحتملة بين الإصابة بالفيروس والتوحد - خاصة وأن الحمى الشديدة، التي تعد عارضا رئيسيا لكورونا، تعد عاملا خطرا معروفا للتوحد أثناء الحمل". وفي انتظار هذه الأبحاث، تبقى النصيحة الأكثر أهمية هي الالتزام بالإجراءات الوقاية والحصول على اللقاحات المعتمدة. |