وفي المقابل، هناك من يعتبر أن عودة نجوم الغناء العربي إلى دمشق واللقاء بالجمهور السوري شيء طال انتظاره من قبل أولئك المطربين، وهم كانوا يتحينون الفرصة المناسبة لإعادة أواصر المحبة التي لم تنقطع مع السوريين الذين يعرفون كيف يحتفون بالفن الجميل، وكيف يجعلون لتلك الاحتفالات مكانة خاصة في الذاكرة، سواء ذاكرة الجمهور أو ذاكرة الفنان.
وأيضاً يعتقد البعض أن الفن والثقافة دائماً تسبقان السياسة، وما تلك الحفلات إلا تمهيد فني لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين سوريا والبلدان التي ينتمي إليها أولئك الفنانون، بمعنى أن ما تمنعه السياسة أو توارب في التعبير عنه، تقوم الثقافة عموماً بالتعبير عنه بصورة غير مباشرة، بحيث أن فن الممكن يتثقَّف حاله (بمعنى يستقيم) من خلال الفن والثقافة.
هذه الردود نشأت نتيجة كثافة الحفلات التي أحياها مجموعة من الفنانين العرب منذ حزيران الماضي وفي أكثر من محافظة سورية، ومنها على سبيل المثال ما قُدِّم في احتفاليات ”ليالي قلعة دمشق“ وغنى فيها كل من جوزيف عطية والعراقي سيف نبيل وتبعه في القلعة أيضاً إحياء مروان خوري ونجوى كرم اللبنانيين لحفلين متتاليين.
سبقه ببعض الوقت الحفل الذي أحياه ”السيلاوي“ أردني الجنسية في مسرح دمر التابع لمجمّع دُمر الثقافي، فضلاً عما أثاره التحضير الحالي لحفل المطرب المصري الكبير هاني شاكر، والذي سيُقام في مسرح أوبرا دمشق، وما تتداوله بعض التسريبات عن حفل قادم للموسيقي العالمي ”ياني“.
الصحفي الفني جوان ملا لا يعتبر تلك العودة جديدةً، فمنذ عام 2018 عادت كارول سماحة وجوزيف عطية ومروان خوري وملحم زين وعاصي الحلاني لإحياء الحفلات في سوريا، والوحيدة التي شكَّل حضورها في دمشق علامة بارزة هي نجوى كرم التي تمتلك جمهوراً كبيراً في سوريا التي عادت إليها بعد اثني عشر عاماً.
وأضاف ملا: ”نوال الزغبي وريان وزياد برجي كانوا دائمي الحضور في سوريا، ويمكنني اعتبار مجيء فنانين من رتبة عمر دياب ونانسي عجرم وأليسا، فيما لو حصل، على أنه عودة، أو إقامة حفل أو حفلتين لأحد الفنانين“.
وتابع: ”هذا يندرج كمحاولة لإظهار صورة جميلة عن سوريا رغم أنها تعيش بوضع صعب على جميع الأصعدة، وبالنتيجة فإن الحفلات ليست أمراً سيئاً بالنهاية، وربما هو من مصلحة الفنانين القادمين والذين نجحوا أساساً عبر علاقتهم بالجمهور السوري ولاسيما في بداياتهم“.