وكالة الأنباء العراقية المستقة متابعة ,,
أقرأ أو اكتب و أنظر الى أزهار الصبار في النهار
و الى النجوم في الليل
الكاتب الهولندي كيتس نوتبوم الحاضر الأبدي في قوائم ترشيحات نوبل
كان كيتس نوتبوم , البالغ من العمر90عام تقريبا , يسافر حول العالم كبدوي
رحال طوال حياته. من المعابد في الجبال اليابانية , الى غابات بوليفيا الى متاهات
البندقية مع دفتر صغير في جيبه لتدوين الملاحظات .
" الحياة ذهابا و ايابا وفي
كل مكان " . في الاشهر القليلة الماضية ,
كان يقيم مع حبيبته , المصورة سيمون ساسين , في منزلهما في سان لويس بجزيرة مايوركا الاسبانية .
انه بمثابة استوديو مطلي باللون الابيض
يطل على حديقة خلف جدار من الحجارة
المكدسة . انه قريب من البحر , على الرغم من أنه يتكوم قليلا على الصخور الوعرة
الممتدة تحت برج المراقبة العربي القديم .
اذن أنت هنا تتناثر الأمواج من
حولك على الصخور و يرتفع جدار من الرغوة أمامك. انك تنسحب أكثر و أكثر الى مايوركا
!
انه مكان خفي .أقرأ و أكتب و أنظر الى أزهار الصبار في النهار و الى النجوم
في الليل من بين جميع أصدقائي ( شاعر اسباني ) هو الوحيد الذي جاء لرؤيتي . لقد
زرعنا معا نخلتين في الحديقة و قد وثقنا
ذلك بصورة عندما كانتا - النخلتان - بحجم
الكف , و في الأعوام اللاحقة وصلتا الى
ركبتينا . كان ذلك قبل 50 عاما . الآن هما هناك كما ترى, باسقتان و تتعلقان في
السماء .انها أشياء غريبة تحدث في حياتنا .
لقد عاد كيتس نوتبوم الى منزله في
أمستردام قبل يومين . انه منزل يطل على
القناة يعود الى العام 1734 , حيث تمتد السلالم
من طابق ضيق الى آخر , و ترتصف الكتب على الأرض مثل صفوف الدومينو . يشير
بيده و يقول : " هؤلاء هم آبائي , في الشعر" والاس ستيفنز , سيزار
فاليجو , أوجينيو مونتالي و أودين . ولا تنسى سلورهوف , الذي تعرفت بسببه على
التجول . و نايهوف , الذي لو كان قد كتب بالإنكليزية لكان ذائع الصيت على مستوى
العالم .
بإمكانك أن ترى على الحائط أعمال أصدقائه من الرسامين : يسبرانت و لوسبيرت
و ماكس نيومانو جين فانريت . و في زاوية من الصالة , يعلق رسم بورتريت هوجو كلوز
لواتر بنيامين . حيث يستقر صليب في وجه الفيلسوف . " انها علامة الموت
؟" يقول نوتبوم كشاعر شاب , طالما
كنت تحت وطأة الموت , كما يتضح من معظم أعمالك . بإمكانك التعثر بكلمة "
موت " أينما قرأت لي .( يضحك ) . بدأ الأمر بعنوان مجموعتي الاولى : "
الموتى يبحثون عن منزل " . لم يعد لدي هذا الانشغال. أنا عجوز الآن معتاد على
فكرة ان دوري سيأتي ببطيء . بالطبع أنت لا تعرف أبدا كيف ستشعرعندما يحين الوقت
, لكن بصراحة , هذا ليس قلقي . ما زلت أتشبث بالكلمات الأخيرة
لأندريه مالرو , الذي زرت قبره مع سيمون : " لم أكن أعرف أن الأمر بهذه
السهولة " .
· لماذا اصدار أعمالك المتفرقة الآن
في كتاب تجاوز 656 صفحة ؟
لقد ظللت أؤجله باستمرار , لأنني اعتقدت
دائما سيكون هناك شيء جديد آخر . و السبب
هو أن المجلد الحادي عشر من أعمالي المجمعة كان قد ظهر في ألمانيا في العام 2016 .كما تعلم , لم يظهر لي أي عمل مجمع في
هولندا , و معظم مجاميعي الشعرية قد نفدت . لهذا السبب حان الوقت . من الرائع رؤية
الشعر كله معا في كتاب واحد .
· لقد أعدت ترتيب المجاميع عكسيا فوضعت في المقدمة قصائدك الجديدة بينما وضعت
" الموتى يبحثون عن منزل " في
الأخير ! أعتقد أنما نكتبه الآن هو المهم . عند تجميع المجموعات كنت أميل الى حذف
أقدم القصائد .
· لكن لماذا يحذف رجل يبلغ من العمر 89 عام قصائد زميل شاب يبلغ من العمر 22
عام , على الرغم أنه يحمل الاسم نفسه ؟ الاحراج من البراءة الواضحة , و الاقتقار
الى الدراية , و الشعور بالعار من الرؤية الفرويدية المحتملة
لبعض القصائد القديمة التي لم اكن على علم بها في ذلك الوقت.
تركتها كلها . هذا يوضح كيف تطورت و كيف
أصبحت السنوات عمرا .في يومياتك التي تبلغ 533 يوم كتبت : " يأتي عصر تعرف فيه موتى أكثر من الأحياء "
.
نعم
لقد مات هوجو و هانس و هاري و ريمكو , و الآن أنا أيضا قريبا . لقد أهديت
مجموعتك " الصداقة القديمة " لا تصدأ " . الى صديقك الراحل ريمكو .
ما الذي ربطكما ؟
نحن صبيان من لاهاي . توفي والدي في العام
1945 بعد قصف بيزويدنهاوند. و قبل ذلك ببضع سنوات , طلق والدتي و انتقل للعيش مع
"فتاتنا", كما كان يطلق عليها آنذاك .
ثم جاء شتاء الجوع . فأرسلني الى والدتي في
فينلو , حيث كان ريمكوأيضا مقيما , على الرغم من أننا لم نرى بعضنا أبدا هناك .
لكن يربطنا ماض مشترك , الحرب , الآباء الأموات ,
و غيرها من المشتركات .
· ماذا شكلت لديك الحرب ؟
ما زلت أتذكرعندما دخل الألمان لاهاي . كانو يمشون في صفوف منتظمة تتقدمهم دبابة . هذه
الصور تستمر بالعودة الى ذاكرتي .أخبرني هانز فان ميرلو ( صديق طفولة الشاعر ) أنه
عندما كان طفلا يبلغ من العمر 8 سنوات , جلس في الجزء الخلفي من السيارة مع والديه
. كانت الاسرة قد فرت من روتردام و عادت بعد أيام
في شهر آيار / مايو من العام 1940.
كان والده خلف عجلة القيادة . أشارت والدته
الى مسيرة الجنود الألمان و قالت بإعجاب
نوعا ما : " يا له من التزام بالنظام" . و بينما كان يقود سيارته
وسط أنقاظ ما كان ذات يوم روتردام , قال الأب فان مييرلو : " يا له من شعور
بالنظام " . غالبا ما تفاجئك ذاكرتك . قلت ذات مرة بأن الذاكرة هي كلب يرقد
حيث يشاء و يقفز متى يشاء " !
هذه هي الطريقة التي يعرف بها
البدو . و هكذا ترى مدى غرابة عمل الذاكرة . في عائلتي , على أي حال . أحيانا أتساءل عن ما اذا كنت أنا نفسي هناك من قبل .
|