وكالة الأنباء العراقية المستقلة متابعة ,,, .
من رجل الأحلام المكسورة !!ٍ
بين مريم وأحمد – العاشقين – ميعاد هام. كان المفروض أن
يتحدد في هذا الميعاد.. مصير الحب.. هل يستقيل كل منهما من تراب الزهق والإحساس
بالوحدة أم يبدآن معا رحلة الحب بلا مشاكل. وهجر وصد وعذاب.
لكن الميعاد لم يتم..
مريم لم تذهب. وأحمد حاول الهرب، وجاءني كل منهما على
انفراد يحكي خوفه من الحب الحقيقي.
لا تظنوا أن مريم صغيرة السن. انها في الرابعة والثلاثين
وأحمد في السادسة والثلاثين.
· خطواتها إيقاع سريع، انوثتها واضحة جدا ولها طبيعة خاصة – الهواء في أحضانها
له طبيعة خاصة في أنفي – هذه هي كلمات أحمد عنها، عيونها تملك الربيع النقي الذي
نبحث عنه ولا نجده، قالت لي عيونها ((هس.. مطلوب قليل من الصمت، اسمعني جيدا بعيدا
عن مناورة الرجل الذي تسمح له أخلاقه بالتسلية مع امرأة أخرى قبل أن يعود الى
زوجته في الظهر.
ضحكت لأنها قرأت ما في قلبي فليس كاتب هذه
السطور نقي الأعماق تماما. بدأت مريم تحكي ((جمالي قصة مزعجة، انسانة نضيع منها
فرص الحياة، أهرب من الحب وعندما أجده أخنقه. وعندما أبتعد عنه أشتاق اليه، وعندما
أسير الى حبيبي أخاف منه وعندما أحتضنه أكذب عليه وعندما أيق تماما أنه يحبني
أتمنى أن أجري من الفرح.. ثم يهاجمني الزهق ثم أحس انني جديرة بإنسان آخر أفضل منه..
وعندما يتشاجر معي أحاول ان اهزمه وعندما
يهزمني اقلب على راسه كل اخطائه فيعتذر حتى عن أخطائي، وعندما أتركه أسافر، فان
خيالي يطرد كل الرجال الا هو انه موجود داخلي يحتضنني يجعلني أعيش السعادة.. لا
تهمني كلمات البكاء في رسائله لا تهمني أيضا عيون الرجال الذين حولي، انني أجذبها
وأطردها وأعرف هذه اللعبة تماما)).
قال أحمد لي: ((انها ترفع في وجهي قائمة المطالب، انها تعمل في احدى بلاد
الخليج مندوبة علاقات عامة في مؤسسة حكومية تشرف على الفنادق.. سافرت أنا الى هناك
وعرفت أن هناك مدينتين داخل هذه المدينة او احدة مدينة تبرق بالأحلام ومدينة أخرى يجلس
فيها كل انسان بمفرده ليعد النقود اما انا فسافرت بدعوة منها لأبحث عن عمل.
تعلمت هناك انه من المهم جدا ان لا تأكل حتى تدخر النقود.. من المهم جدا أن
ترضخ لصاحب العمل حتى لا يقول لك مع السلامة. من المهم جدا أن تعرف أخلاق السوق هناك
تبدأ من التعرف على الذين يعملون في مهنتك وأن تعدهم على أصابع يديك.
وإذا سافر أحدهم اطلب مكانه لا باللسان ولكن بزيارة صاحب العمل.. سافرت الى
هناك لأعمل كمهندس وجدت رئيسي لا يفهم الا في اختيار الممثلات ويحكي لي عن
مغامراته في لندن وباريس.. انه لا ينطق حرفا انجليزيا واحدا ومع ذلك يتحدث عن
النساء اللاتي وقعن تحت اقدامه.
وأصحاب الأعمال هناك لا يختلفون.. ان كلا منهم له طابع معين من الكسل.. الزمن
مفقود تماما رغم أن أشهر تجارة هناك هي تجارة الساعات. الأوكسجين أيضا قليل في
الجو.. لذلك فالعقل لا يعمل جيدا.. ان التفكير هناك بطيء مخدر نصف نائم طوال الوقت.
الحكومة تعطيك المسكن والبدلات والرضوخ الوحيد المطلوب منك أن تكون على علاقة طيبة
بمن حولك ورؤسائك على وجه التحديد. واحذر ان تقترض لأن الوجود هناك يعتمد على مزاج
الأعلى منك. ولا تشتري أشياء كثيرة حتى تستطيع أن تعود في أي وقت.. وأعلم ان
الكهرباء تنقطع في الصيف فتعيش في الجحيم واعلم ان التليفونات لا تعمل بانتظام والفاتورة
دائما مرتفعة واعرف أنك لن تتنفس سوى أوراق النقود.
مريم تعمل في الحكومة وأنا أعمل في القطاع الخاص هالك لا زمن له. الزمن
الوحيد هو أن تأتي النقود الى صاحب العمل بعد ذلك لا يوجد زمن إذا كنت لم تتزوج فاعلم
أنك قد تشترك مع ثلة شباب في شراء مجلة مليئة بالنساء العاريات ولن تستطيع أن تشتري
كتابا لأنك لو فعلت لكنت مجنونا. ان ثمنه سبعة أضعاف الكتاب العادي. فرصتك الوحيدة
هي أن تشتري سيارة قديمة تحتضن فيها من تحب.
أحسست ان عملي في القاهرة المزدحمة المليئة بالشكوى المكتومة، أحسست ان
وجودي في القاهرة مع الستين جنيها أفضل بكثير من الالف جنيه التي تأتي الى يدي كل
شهر ينهشها مني صاحب المنزل والطعام والبنزين والفرجة في السوق هذه الفرجة التي ((ينهد
فيها حيل)) أي انسان في مفاصلة، هنود وباكستانيون وبلوش وناس تلعب بالبيضة والحجر.
وكان لابد أن أعود.. لسبب بسيط هو أنني لم أحصل على عمل حكومي.. لا تتهمني
بأني أحد عبيد الوظيفة الحكومية لست موظفا روتينيا. ولكن أن تقبض مرتبك من فرد. أحس
أن كرامتي محترمة عندما أعمل في الدولة.. أحس أنى اقل من الاحترام عندما ارضخ لفرد،
عندما عدت فتح أهلي حقائبي لم يجدوا أي هدايا قلت لهم: لم أشتر شيئا لأني أكون نفسي.
لم ترحمني عيونهم)). |