وكالة الأنباء العراقية المستقلة بغداد ,,
فيصل سليم ,,
اقتربت الساعة من العاشرة ليلا والطقس يتحرك نحو البرودة ولكن هذا لم يثن
عزم ذلك الصبي الصغير الذي يدعو (باقر) وهو يتابع عمله بنشاط في بيع الوقود فهو أحد
الصبية الذين ولدوا ليجدوا أنفسهم مطالبين بالعمل لا عالة عوائلهم ورغم انه لم
يتعدى السابعة من العمر الا ان من يراه ويشهد منطقة في الكلام يعتقد في اول وهلة
انه يتحدث الى شاب في العشرين من عمره حيث يقول (باقر) عمري سبع ونجحت الى الصف
الثاني الابتدائي أعمل صباحا والتحق بالمدرسة ظهرا لأعود الى العمل مساءا واخصص
وقت عودتي من المدرسة لمراجعة واجباتي المدرسية لمدة ساعة لانطلاق من جديد الى
مضمار العمل الذي يمتد أحيانا في فصل الصيف الى ما بعد منتصف الليل.
وباقر هو احد أولئك الصبية الذين ينتشرون في تقاطعات الطرق وزواياها بعضهم
يبيع الوقود بينما امتهن البعض الاخر بيع المناديل الورقية والحلوى وقطع القماش
لمسح زجاج السيارات بينما كان البخور والحرمل من اختصاص الفتيات ويواجه هؤلاء ممن
يسمونهم أطفال الشوارع أنواعا مختلفة من المشاكل مما جعل بعضهم يستسلم لجبروت
الشارع بينما اصر البعض الاخر على التعلم رغم كل شيء.
في أحد التقاطعات كان يقف ((محمد))
ابن العشرة وهو يحمل قطعة قماش ويتوسل لأحد أصحاب السيارات ان يشتريها منه فنهره
الرجل بشدة ولم يثن من عزم ((محمد)) الذي راح يبحث عن اخرين يقنعهم بشراء بضاعته
البسيطة وبعد ان باع قطعتين كان الفرح يبدو عليه ظاهرا فعرضنا عليه شراء أحدى
القطع مقابل الحديث عن عمله وحياته
فقال لا اعلم متى بدأت العمل فقد وجدت نفسي في الشارع احمل قطعا من القماش
تارة واتسول تارة أخرى وابيع المناديل الورقية مرة ثالثة وكل هذا كي احصل على بعض
المال الذي قد يفي لسد رمق أخوتي ووالدتي الارملة وانا الولد الثالث بين سته اخوة
اثنان منهم أكبر مني يعملان أيضا.
اما عن الدراسة فتحدث ((محمد)) قائلا دراستي لم اتخيل عنها كوني اطمح الى
اكمالها بشتى الطرق كي اخرج من الواقع المرير الذي اعيشه فانا مقتنع تماما بان
الدراسة هي التي ستجلب لي فرصة العمل الجيدة لهذا فانا حريص على الاستمرار بها بل
احمد الله على أني من المتميزين في المدرسة ودرجاتي جيدة
أعجبني كثيرا إصرارا هذا الطفل... وتمنيت لو ان هناك من الشباب المدللين من
يمتلك نفس إصراره فهل يا ترى تبقى الحاجة والعوز هي الحافز نحو النجاح ولماذا ولد
اغلب العظماء وهم فقراء ولم نسمع عن غنيا صار عظيما الا فيما ندر هل لان الغني
يولد وزفي فاه ملعقة من الذهب ام لأنه لم يجرب لسعة سياط الفقر على ظهره الرقيق؟
فتاة أخرى التحفت بملابس بسيطة رثة ولبست فوق رأسها الصغير حجابا لتعلن
بأنها ملتزمة بأجواء مدينتها المقدسة تلك كانت شيماء ذات الاثني عشر ربيعا والتي
تصر على ان عملها
ليس عيبا ولا حراما ما دامت تسهم في توفير لقمة العيش لأهلها حيث تتحدث عن
تجربتها قاتله يسموننا أطفال الشوارع بينما هناك فرق كبير بين المتسولين وبيننا
نحن نعاني منهم الامرين ونحاول ان ندافع عن عملنا في الشارع فنحن لا نملك مبلغا |